تابعنا على فيس بوك
اضغط على اعجبني - like ليصلك كل ما هو جديد

إصلاح منظومة التربية والتكوين مدخل أساسي للتأهيل الاقتصادي والاجتماعي ~ ,مستجدات التعليم ,مستجدات تربوية. ,الحركة الانتقالية, نتائج البكالوريا 2014,Tarbawiyat

السبت، 22 يونيو 2013

إصلاح منظومة التربية والتكوين مدخل أساسي للتأهيل الاقتصادي والاجتماعي



الحاجة إلى الانتقال من زمن الفرص الضائعة إلى لحظة التعاقدات الوطنية الكبرى
منير الشرقي
الحكومة مطالبة بالانكباب الجدي من أجل إصلاح منظومة التربية والتكوين بإعطائها الدفعة القوية التي تتطلبها المرحلة ، والشحنة التي يستدعيها واجب تأهيل رأسمالنا البشري، وبالتالي تهييئ الغد الأفضل لأبناء المغاربة


إذا رفض رئيس الحكومة عبد الإلاه بنكيران الإنصات للمعارضة والنقابات وجمعيات المجتمع المدني - وهذا واقع الحال - فهل أنصت جيدا لمؤسسات الدولة التي شخصت أوضاع المغرب الاقتصادية والاجتماعية المقلقة ، وقدمت في هذا الشأن توصيات واقتراحات في غاية الجدية ...مؤشرات بلادنا المالية والسوسيو اقتصادية تنذر بمستقبل غير مطمئن قد يجر المغرب إلى شبح الثمانينات من القرن الماضي بما يعني من فقدان للقرار السيادي تجاه المؤسسات التمويلية الدولية ودخولنا في نفق التراجعات على مستوى التنافسية الاقتصادية ومؤشرات التنمية البشرية ...ما هو معيار الحكم على تجربة حكومية ؟ هي بكل بساطة نجاح موفق على مستوى التدبير العمومي بما يعني ذلك من تخطيط دقيق للأهداف و تعبئة للموارد وإنجاز لبرامج تنموية قادرة على تأهيل الاقتصاد والرأسمال البشري وتقوية تنافسية بلادنا أمام الرياح العاتية للعولمة واقتصاد السوق ، مؤشر النجاح ستكون له حتما له تداعياته كذلك على مستوى تحقيق الرفاه الاجتماعي والأمن الإنساني كما تؤكد على ذلك معايير الأمم المتحدة ...
البلدان التي استطاعت تحقيق نتائج باهرة على مستوى النمو الاقتصادي - ولنا في التجربة الأسيوية خير نموذج -..هي البلدان التي أولت عناية خاصة لمنظومة التربية والتكوين وبما يعنى ذلك من تأهيل للموارد البشرية في مجالات التكنولوجيا واقتصاد المعرفة .. في هذا الصدد نبه المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى الحاجة المستعجلة لإدخال إصلاح عميق على نظام التربية و التكوين من اجل الاستجابة لحاجيات الاقتصاد من الكفاءات ، بما يتيح للشباب الاكتساب المبكر لمبادئ المسؤولية و الاستقلالية الذاتية و تطوير روح المبادرة الشخصية ، مع بذل جهود أكبر لدعم التلاؤم بين التكوين و سوق الشغل و ذلك عبر إحداث مسالك جديدة منسجمة مع الاستراتيجيات القطاعية، و تمتين الروابط بين عالم التكوين وعالم الشغل، وكذا تشجيع البحث والابتكار، و تطوير جسور مفيدة بين الجامعة والمقاولة.. المجلس الاقتصادي والاجتماعي يعتبر أن تشغيل الشباب يمثل إحدى دعائم الميثاق الاجتماعي، حيث ينبغي حل أزمة الثقة في المؤسسات التعليمية وتعزيز انخراط الشباب في الحياة العملية وعدم اعتبار الوظيفة العمومية ملاذا حصريا ، وذلك اعتبارا لكون تشغيل الشباب يمثل تحديا من أجل الرفع من قيمة الموارد البشرية ، وفرصة لجعله رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا. ويقر المجلس بأن الشباب هم الأكثر تضررا من البطالة على الرغم من انخفاض معدل النشاط ، كما أن الوظائف التي يشغلها الشباب غالبا ما تكون هشة مقابل أجور متدنية، نادرا ما تكون تعاقدية و قلما تتمتع بنظام حماية اجتماعية. المجلس نبه إلى أن معدل بطالة الشباب يرتفع في الوسط الحضري، و يرتفع أكثر كلما ارتفع المستوى الدراسي ، ويتميز بطول مدة البطالة ، الشيء الذي يؤكد عدم ملاءمة التكوين مع حاجيات سوق الشغل. مما جعل نظرة الشباب إلى وضعيتهم أكثر تشاؤما مما تنبئ به الإحصائيات المتوفرة ..
من هذا المنظور، فإن المجلس الاقتصادي و الاجتماعي يرى أن محاربة بطالة الشباب ينبغي أن تتم معالجتها بكل إرادوية وعزم وتصميم ، مما سيسمح بتطوير و تفعيل حلول دائمة منسجمة مع الواقع المغربي . كما أن محاربة الظاهرة ينبغي أن تمثل أولوية وطنية، وبالتالي فالمسؤولية تقع على عاتق جميع الفاعلين العموميين و الخواص و الجمعويين ، سواء على المستوى الوطني أو الترابي.
واعتبارا لكون مسألة تشغيل الشباب تعني كل الدوائر الاقتصادية و الاجتماعية، و تكتسي تعقيدا حقيقيا، فإن معالجتها تستدعي -حسب المجلس - تواضعا و واقعية في المقاربة ،و جرأة و تجديدا وابتكارا في الاقتراحات و مجهودا متواصلا لتقييم و تكييف الإجراءات مع السياقات و الحقائق الخاصة بكل مجال ترابي على حدة . ولتطوير إنعاش الشغل يرى المجلس أن الحاجة باتت ملحة لتعزيز دينامية القطاع الخاص الذي يعتمد أساسا على استثمار فاعلين اقتصاديين . ويجزم المجلس على أن السياسات التي أعطت أفضل النتائج هي التي عرفت التوفيق بين المعالجة الاقتصادية و المعالجة الاجتماعية لمعضلة بطالة الشباب، و استطاعت وضع إطار مؤسسي قادر على تعبئة الفاعلين لصالح تشغيل الشباب.
ومن أجل تقديم جواب مستدام لقضية تشغيل الشباب ، يرى المجلس أن الحكومة مطالبة بإحداث تغيير في مسار النمو الاقتصادي الذي ينبغي أن يتجه نحو الاستثمار في قطاعات ذات قيمة مضافة عالية و ذات مفعول حقيقي، كما أنه من المناسب جعل الابتكار بمثابة الرافعة الرئيسية لتحسين إنتاجية مقولاتنا وقاعدة قوية للنمو المستقبلي ، لكنه يشدد على أن مفتاح التأهيل الاقتصادي والاجتماعي رهين بإصلاح عميق لمنظومة التربية والتكوين ..
تبعا لذلك، فإن الحكومة مطالبة بالانكباب الجدي من أجل إصلاح منظومة التربية والتكوين بإعطائها الدفعة القوية التي تتطلبها المرحلة ، والشحنة التي يستدعيها واجب تأهيل رأسمالنا البشري، وبالتالي تهييئ الغد الأفضل لأبناء المغاربة . لقد لعب المجلس الأعلى للتعليم كمؤسسة دستورية برئاسة الفقيد عبد العزيز مزيان بلفقيه دورا مهما في مجال الاستشارة في مشاريع الإصلاح المتعلقة بالتربية والتكوين، والقيام بتقويمات شاملة للمنظومة على المستوى المؤسساتي والبيداغوجي والسهر على ملاءمة المنظومة مع محيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، كما أدلى للمجلس برأيه في العديد من القضايا المتصلة بالمنظومة سواء كاستراتيجيات وبرامج أو كمشاريع لنصوص قانونية وتنظيمية مؤطرة لقطاع التربية والتكوين ، كما ساهم المجلس في تقديم اقتراحات بشأن التدابير الكفيلة بالإسهام في تحسين الجودة والمردودية ، وتوقف عند أهم الاختلالات التي عرفها مسار تطبيق الإصلاح والتعثرات الحقيقية التي ما تزال قائمة ، كما ثمن النتائج الواعدة التي حققتها المدرسة المغربية .. و رسمت تقاريره مداخل العمل من أجل إنجاح المدرسة للجميع محددا الفضاءات ذات الأولوية ، ومدققا في القضايا الأفقية من أجل تعاقد جديد لتعزيز الثقة في المدرسة العمومية . كما أصدر المجلس عدة دراسات وأبحاث وآراء وجه بعضها إلى جلالة الملك والبعض الآخر إلى الحكومة ، وعزز هذا المجلس إنتاجاته بتقارير حول تقويم التعلمات. كما أصدر عدة أعداد من مجلة «المدرسة المغربية» وأعداد أخرى من «دفاتر التربية والتكوين» ، إلا أن وفاة الرئيس المنتدب علقت كل هذه الدراسات والأبحاث إضافة إلى آراء ودراسات أخرى أعلن عنها المجلس في كثير من بياناته وضمنها آراء محورية ومهيكلة منها رأيه في المعضلة اللغوية في المدرسة المغربية.
اليوم، وتبعا للمخطط التشريعي للحكومة ، إحداث المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في صيغته الدستورية الجديدة، لن يعرف النور إلا سنة 2014 أي مع نهاية الولاية الحكومية، بمعنى أن كل طموحات الإصلاح وبناء تعاقدات وطنية كبرى على هذا المستوى، ستظل مرهونة إلى حين في سياق وطني وإقليمي يحتاج إلى سرعة مضاعفة كي لا يضيع زمن الفرص المتاحة والمصيرية .

0 commentaires: